الابن: من البناء، وسمي بذلك لكونه كالمبنى لأبيه، وكل مصنوع ينسب إلى صانعه وآلته، فيقال هو ابنه، وللصانع يقال: هو أبوه، وعلى هذا يقال: فلان ابن الحرب، وأبو الحرب، وبتسمية الصانع أباً للمصنوع، والمصنوع ابناً للصانع أطلق على ما جكى في شريعة من تقدمنا " أبناء الله "، ثم تصور ذلك الجهلة والأغبياء معنى الولادة، فحظر إطلاق ذلك حتى صار التفوه به يعد كفراً، والوفاء مراعة العهد، والغدر تضييعه، كما أن الإنجاز مراعاة الوعد، والإخلاف تضييعه، الوفاء والإنجاز في الفعل كالصدق في المقال.
والعذر والاخلاف كالكذب فيه، وقيل: وفي وأوفى بمعنى، والصحيح أن أوفى أبلغ من وفي، كما أن: أسقى " أبلغ من " سقى "، والخطاب وإن كان لبني إسرائيل لقولهم مقصودين بالتبكيت لنسيانهم نعم الله تعالى وكون نعمته عليهم أظهر، فالناس طراً يشاركونهم في وجوب ذكر نعمة عليهم، وقد تقدم ذكر تفاصيل النعم، وإن قيل: ما فائدة تقييد النعمة بقوله: أنعمت عليكم؟ قيل: نظر الإنسان إلى نعم الله ضربان، أحدهما: نظره إلى نهمة الله تعالى التي [تختص به من نفسه دون ما اختص به غيره] وذلك يفيده رضاً عن النعم وشكراً له ومعرفة ما على غيره من النعم، والثاني: نظره إلى نعمة الله على غيره ونسيان ما قد خص به في نفسه، وذلك يجلب إليه سخطاً على ربه، وكفراناً لآلائه، وحسداً على عباده، ولهذا قيل:
" انظر إلى من هو دونك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، فذلك أجدر أن لا تزرى بنعمة ربك ".