الكتاب يتناول كل كتاب منزل، والفرقان يقال في التوراة وفي القرآن، والقرآن يختص بالمنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وروي أنه لما قدم نصارى نجران علي رسول - صلى الله عليه وسلم - أتتهم أحبار يهود فتنازعوا عنده، وقال كلا الفريقين للآخر: لستم عدي شيء، فأنزل الله-عز وجل - هذه الآية،
إن قيل: كيف عرض تعالى بتكذيبهم فيما ادعوه وقد صدق الفريقان على قول المسلمين؟ قيل: ليس قول أحد الفريقين بسديد من وجه، إذ قد بتوا الحكم وليس ذلك على البت والقطع، فلكا الفريقين في وقت وعلى وجه على حق، على أن القصد بالآية الدلالة على جهلهم وتخبطهم مع تشاركهم في قراءة التوراة دالة على ما اختلفوا فيه، فبين أن كلا الفريقين حائد عن الطريق، وأنهم في الجهل أو التجاهل
كالمشركين الذين لا كتاب لهم في دعواهم على أهل الكتابي والمسلمين أنهم ليسوا على شي، ثم توعد الفريقين بحكمه بينهم [يوم القيامة] وقد أبهم حكمه فيدخل فيه كل قول قالوه من قول من قال: عني إنصاف المظلوم من الظالم، وقول من قال: عني تعريف المكذب من المكذَّب، وقول من قال: مثل قوله {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}.