الإنزال، والوحي متقاربان، لكن استعمال " الإنزال " على اعتبار حال المنزل والمنزل إليه بالشرف والمنزلة، لا بالمكان، والوحي: هو الإشارة والإبقاء.
وذلك على ثلاثة أضرب بينها الله تعالى في قوله {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ} الأول - من ذلك الوحي: والإنزال الذي بينه تعالى وبين أولي العزم من الرسل بسفير يرونه.
والثاني: بسماعٍ من غير رؤية، كحال موسى - عليه السلام - في ابتداء بعثته.
والثالث: بالإلهام والإلقاء في الروع.
وذلك ضربان: إما الإلقاء في الروع في حال اليقظة، وهو المعبر عنه بالمحدث و " المروع "، وعليه نبه عليه السلام بقوله:(إن في أمتي لمروعين) وقوله: (إن يك في هذه الأمة محدث فعمر بن الخطاب) وقوله (إن روح القدس نفث في روعي) وإما إلقاء إليه في المنام، وذلك ضربان: إما ظاهر من المنام لا يحتاج إلى تعبير ...
وإما تلويح ورمز يحتاج إلى تعبيره، ولهذا قال عليه السلام:
" الرؤيا الصادقة [الصالحة] جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة " فالذي يكون في المنام بالإلقاء في الروع، قد يكون لغير الأنبياء - عليهم السلام - والذي يكون بالسماع من غير رؤية قد يكون لغير أولي العزم من الرسل.
والذي يكون بالسفير المرئي لا يكون إلا لأولي العزم.