للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى الإنفاق، ومدح لفاعل، ولا يحث ولا يمدح بانفاق المحظورات.

والثاني: باضافته إليه وتمكينه منه، حيث قال: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} من شرط ما يضاف إليه من الأفعال مفصلاً أن يخص الأفضل، فالأفضل، وإن كان قد يضاف إليه الأفعال كلها على سبيل العموم بمعنى: أنه هو السبب الذي لولاه - تعالى - لم يحصل ولم يكن بوجه والظاهر - من إنفاق ما رزقه الله - المال، وذلك عام فيما يخرج من الزكاة المفروضة، ومن العطايا النافلة، بدلالة أن ذلك مدح منه.

والمدح قد يستحق بالفرض والنفل، وما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه عنى " الصلوات المفروضة " والزكوات [المحدودة] فإنه، ذكر أوكد ما يستحق به المدح، إذ لا يعتد بالنفل ما لم يؤت بالفرض، لقوله عليه السلام: " إن الله لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة " وروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - " إن المؤمن ليؤجر في كل شيء حتى اللقمة يضعها في في امرأته " فالإنفاق من الرزق بالنظر العامي من المال كما تقدم.

وأما بالنظر الخاصي:

فقد يكون الإنفاق من جميع المعاون التي أتانا الله - عز وجل - من النعم الباطنة والظاهرة، كالعلم والقوة والجاه والمال.

ألا ترى إلى قوله - عليه السلام - " إن علماً لا يقال به ككنز لا ينفق منه " وبهذا النظر عد الشجاعة وبذل الجاه وبذل العلم من الجود حتى قال الشاعر:

والجود بالنفس أقصى غاية الجود.

وقال آخر:

بحر يجود بماله وبجاهه. . . والجود كل الجود بذل الجاه

وقال حكيم: الجود التام: بذل العلم.

فمتاع الدنيا عرض زائل ينقصه الإنفاق.

وإذا تزاحم عليه قوم ثلم بعضهم حال بعض.

والعلم بالضد ٠ فهو باق دائم.

ويزكو على النفقة، ولا يثلم تناول البعض حال الباقين، وإلى هذا ذهب بعض المحققين فقال: (ومما رزقناهم ينفقون) أي: مما خصصناهم به

<<  <  ج: ص:  >  >>