وطؤها ما لم تغتسل، وقوله:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} دل أن ذلك شرط في إباحتها وأن لا يصح وطؤها إلا بانقطاع دمها، وقوله:{فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} إشارة إلى مراعاة كل ما أمر به من أحكام النكاح ومجانبة المحاشي، يعني الموضع المكروه وغير ذلك من الأمور التي أمر بها، ثم قال:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} تنبيها أن من كان منه شيء من ذلك، فحق عليه أن يتوب ويتطهر من بعد، والتطهر عام في استعمال الماء، وتطهر القلوب من الذنوب والتوبة اجتناب الذنب والتطهر عمل الصالحات، وجعل التوبة مقدمة على التطهير تنبيهاً أن اجتناب القاذورات مدرجة إلى فعل الخيرات، وعظم أمر المتطهرين حيث جعلهم محبوبيه، وروي خريم بن ساعدة قال: يا رسول الله: من الذين قال الله - عز وجل - فيهم {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}؟
فقال عليه السلام:
" نعم الرجل منهم خريم " ويدل على إرادة هذا المعنى بالتطهر قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}
الفرق بين الحرث والزرع أن الحرث إلقاء البذور وتهيئة الأرض، والزرع مراعاته وإنباته، ولهذا قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} فأثبت لهم الحرث، ونفى عنهم الزرع، وقد جعل الله تعالى النساء محترثا للرجل، وجعل له قوة النكاح حفظا للنسل، ولولا طلب