مكروه، ولهذا سمي الله تعالى الكلام المكروه أذى، فقال:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} وما ينال الإنسان من مكروه المطر أذى في قوله تعالى: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ} ولما كان الناس في مجامعة المرأة في حال الحيض بين إفراط وتفريط فإن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يجتمعوا معها في البيوت وبعض النصارى لم يتحاش من مجامعتها، فسئل - عليه السلام -، فقال تعالى:{هُوَ أَذًى} تنبيهاً أن العقل يقتضي تجنبه كأنه قيل: الحيض أذى وكل أذى يتحاشى منه والحيض يتحاشى منه، ولما كان الإنسان قد يتحمل الأذى ولا يراه محرما صرح بتحريمه بقوله:{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}
إن قيل: فأي أذى هو؟
قيل: إما باعتبار مجرد الشرع، فإثم وإما بالاعتبار الطبي، فإن الدم الذي يخرجه الرحم يفسد البدن الذي منه الحيوان، ويكون له بخارات ممرضة لأبدان متشمميها يعرض للمرض ولما كان الاعتزال قولاً مشتركا ويكنى به عن العدول عنها عند الفراغ وعن مجانبة ذلك الموضع وعن مجانبتها رأسا، قال تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} ليدل باللفظتين الكنايتين على مجانبة مباضعتها، وعلى جواز التمتع بها منها دون الفرج المدلول عليه بقول النبي - عليه السلام:" اصنعوا كل شيء إلا الجماع " ولما كان لفظ {يُطَهِّرَ} يقال فيما كان طاهرا بنفسه وفيما كان يتطهر، نبه بقوله:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أنه لم يرد إلا الطهارة عن تطهر وتؤكد ذلك قراءة من قرأ: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} فدل ذلك أن لا يصح