النكال: العقوبة الرادعة على سبيل القهر والفضيحة المشهورة، وهو منقول عن نكل فلان عن كذا أي ارتدع، ومنه النكل للقيد ولحديدة اللجام ولكل ما ينكل به، والوعظ ردع بالعبارة والإحالة على الاعتبار، وقوله:(لما بين يديها) أي لما في زمانها، (وما خلفها) أي لن بعدها، ولما كانت عامة السياسات ضربين، قهرية وهي للعامة وذلك بالنكال ووعظية، وهي للخاصة وذلك بالقال ذكر الله تعالى أنه جمع في دلك الأمرين نكالاً لعامتهم وموعظة لخاصتهم وهم المتقون، فإن قيلت لم قال (لما بين يديها) ولم يقل لمن بين يديها؟ قيل في ذلك تنبيه على لطيفة وهي أن لفظة (ما) يعبر بها عن الأجناس من الحيوان وغيره ومن لا يعبر به مفرداً إلاً عن العقلاء، ولما قال في الجهلة {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ} استعير لهم لفظ ما تنبيها على ما ذكرنا، وعلى دلك كثير مما وضع ما وضع من في كلامهم، وبكشف ذلك قوله تعالى:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}، فجعلهم شر الدواب كما
جعلهم في الأولى أضل من الأنعام، وبهذا المعنى ألمَّ بعض المحدثين في قوله:
حولي بكل مكان منهم خلق ....
تخطي إذا جئت في استفهامهم بمن
وقال بعض الأدباء قوله:(وما خلفها) نصب وملفوف على الهاء في قوله: فجعلناها أي جعلنا هذه العقوبة وهو المسح وما خلفها من عذاب النار عقوبة (لما بين يديها) أي لذنوبهم المتقدمة [والله أعلم].