للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - عز وجل:

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}

الآمة: (٦٣) - سورة البقرة ".

الميثاق: عقد مؤكد بمين أو عهد، يقال: أوثقت كذا ووثقته ووثق به ثقة، ثم قيل: رجل ثقة، وقوم ثقة، فاستعير لفظها للموثوق به، والميثاق الذي أخذ منهم ما ذكره الله تعالى في قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ}، وفي قوله: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} وفي قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} الآية، والطور: قيل هو اسم لجبل مخصوص وقيل: هو اسم لكل جبل ينبت شيئا، وطابق لفظه الطور أي الفناء و " طار يطور " لسرعة المشي، كما أن طار يطير للسباحة في الهواء، والقوة يستعمل تارة بمعنى القدرة، وتارة للتهيؤ الموجود في الشيء، نحو أن يقال: النوى بالقوة " نخلة "، أي متهيأ ومترشحآ أن يكون منه ذلك، ويستعمل القوة في البدن تارة، وهو الأظهر، وتارة في النفس، ولما كانت القوة للشدة الموجودة في الشيء سميت المفازة قوى - تصورا منها ذلك، ثم قيل: أقوى فلان، إذا صار في قوى، أي قفر، وتصور من حال الفقر الفقر، فاستعير الأقوى للافتقار استعارة قولهم أترب وأرمل، لذلك، فقوله: (خذوا ما آتيناكم بقوة) أي: تعاطوا ما فيه بعلم ودراية فالعلم هو الذي يقوي الإنسان ويبلغه المقصود في أمور الدين، وقال الضحاك: (بقوة): أي بطاعة الله، وذلك لما روى " أقوى الناس من أطاع الله واتقاه وقيل: " بقوة، أي بعمل ما فيه، وذلك صحيح بنظر فإن تعاطي كل جزء من العمل الصالح يقوي الإنسان على ما فوقه، وقد تقدم أن الذكر ذكران ذكر باللسان، وذكر بالقلب وأنه يتجوز به في الحفظ والمراعاة، فيقال: اذكر كذا، كما يقال في الترك: النسيان، وذاك أن الذكر سبب

<<  <  ج: ص:  >  >>