نبه بلفظ {كَمْ} على كثرة ما آتاهم من الآيات، ودل بقوله:{وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ} على إضمار بدلوا، وعلى هذا إن الحكم ليس مقصوراً عليهم، بل هو عام فيهم وفي غيرهم، ودل بقوله:{نِعْمَةَ اللَّهِ} أن الآية من جملة نعمته، بل هي من أعظم النعم، وبقوله:{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ} على نحو ما دل عليه قوله: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ} وتقدير الكلام: آتيناهم آيات هي بنعم، فبدلوها ومن يبدل نعمت الله بعد اختصاصه بها عاقبه الله عقاباً شديداً فإنه شديد العقاب، فإذن بعقاب بني إسرائيل ومن فعل فعلهم، فإنه يعاقبهم كما عاقبهم.
التزيين التحسين المدرك بالحس دون المدرك بالعقل، ولهذا جاء في أوصاف الدنيا دون أوصاف الآخرة، نحو:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}، واختلف في هذا التزين، فمنهم من قال الله زينه لقوله:{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ}، ومنهم من قال: الشيطان زين لهم لقوله: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وروي عن الحسن: الشيطان زينها ولا يعلم أحد أذم لها ممن خلقها أو وصفها بأنها متاع قليل وأنها متاع الغرور وجمع بعض الملاحدة بين هذه الآية