وأخواتها وزعم أن ذلك من الآيات المتناقضة في القرآن، لأنه قال مرة:{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ}، فقال:{الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ}، وقال في آية أخرى:{زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}، فنسبه إلي نفسه، وتارة ذكر أنه قيض لهم من زينها لهم، وذلك قوله:{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}، ووهي ما ادعاه لا يخفى على ذي بصيرة، لكن بيانه يحتاج إلى مقدمة، فنقول وبالله التوفيق: إن الله- عز وجل خلق الإنسان وجعل له سبيلاً إلى بقائه بشخصه زماناً ما، وتنوعه مدة ما، وركب فيه شهوة تشوقه إلى الغذاء والجماع اللذين هما سببا البقاءين، فهذا هو تزين الله عز وجل- وأمره باستعمالها حسب ما تأمره الشريعة فيها يؤدي به إلى سعادته في الآخرة على ما ينبغي، وبقدر ما ينبغي، ومن عشقها بإفراط، استحوذ الشطيان عليه وأعماه عن قبح المستقبح منه، وذلك قوله تعالى:{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} وأما قوله تعالى {زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}[وقوله تعالى]{زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ}، فالتزيين في الآيتين يحتمل وجهين أحدهما أن الذي زينه هو المشروع لهم، والثاني: أن الذي زينه هو الشهوة لكن على أن يأخذ بقدر ما يجب، وفي وقت ما يجب، لا أن يجعلها مقصده ووجه أخر في الآية، وهو: الحياة حياتان، حياة ذاتية دنيه وهي الحياة الدنيا ودناءتها لما وصفها الله تعالى بقوله {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا}