إن قيل: ما فائدة إعادة هذا المعنى وقد تقدم آنفا؟ وما الفرق بين هذا الخطاب والخطاب الأول؟ قيل في ذلك لطيفة وإشارة عجيبة، وذلك أنه حيث خاطب الناس كافة قال:{كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا}، فأباح لهم ذلك، ونبه أنه لم يحظر عليهم إلا تناول المحرم، وعقبه بالنهي عن اتباع الشيطان، وجعل الخطاب في هذه الأيام مخصوصاً بالمؤمنين وأمرهم أن لا يتوسعوا في تناول
ما رزقوا، بل يتحروا من الطيب تحري الناس مما في الأرض، وأنه في الأول بالتحرر عن خطوات الشيطان، وهو الارتسام له فيما يتخطى به عن المباح، وأمر ههنا بالشكر لله تعالى الذي هو أرفع منزلة في العبادة على ما تقدم ذكره، ونبه بقوله:{إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} إن عبادته لا تتم إلا بشكره. . . قوله- عز وجل:
الإهلال: أصله وجود الهلال، ولما جرت العادة أن يكبروا عند رؤيته سمي التكبير إهلالاً، بل قيل لرفع الصوت أيضاً إهلال تشبيها بذلك حتى قيل: أهل الصبي، وأنا التهلل فظهور الهلال، فتارة يتصور لمعانه، فيقال: تهلل السحاب، وتهلل وجهه، وتارة يتصور شكله، فيقال: تهلل البعير إذا تقوس