البهيمية، والعناية بتربيتها فقال:{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى} أي أخس بما هو خير مطلق، ثم قال:{اهْبِطُوا مِصْرًا} وذلك على نحو: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} فكأنه قيل: إن لم ترغبوا فيما اخترته لكم، وفيه خلاصكم، فشأنكم في قصد المكان الذي لا يعدم فيه ما ترمونه، وذكر ثلاثة أحوال كل واحدة كالمعلول للأخرى، فقال:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} أي حصلت لهم هذه العقوبة التي هي الذلة والمسكنة والغضب من أجل كفرهم بآيات الله وقتلهم النبيين، وحصل لهم الكفر، وقتل النبيين بالعصيان والاعتداء، وذلك أنه كما أن الخيرات صغارها سبب لتحري كبارها، كذلك الشرور صغارها سبب لارتكاب كبارها، فبين أنهم لما عصوا وتعدوا، أدى ذلك بهم إلى الكفر وقتل الأنبياء، وأدى ذلك بهم إلى أن ألزموا الذلة والمسكنة، وغضب الله عليهم، وفيها تنبيه لنا أن من طلب لنفسه غيره ما أثره الله له، فقد خرج من التوكل بل قد تعدى فقد قيل:(ومن لم يهتد بما يختاره الله له، لم يهتد بما يختاره لنفسه)، ولهذا قيل في الدعاء:" اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأكلني كلاية الوليد في المهد ".
الهود: قبل التوبة، لقوله تعالى:{إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} أي تبنا، ومنه أخذ اليهود وقيل: أصل اليهود ويهدوا منقول عن السريانية، وهو أقرب وهاد فلان إذا تحرى طريقتهم في الدين، والاسم العلم قد يتصور منه [معنى] ما يتعاطاه المسمى به والمنسوب إليه ثم يشتق منه، نحو قولهم تفرعن فلان، إذا تحرى في فعله الجور الذي كان يتعاطاه فرعون، و " تطفل فلان " إذا فعل فعلا