وهي غاية ما يتحرى ويطلب، قيل الخير: هو الذي يطلبه الكل، والشر هو الذي يهرب منه الكل، فإن ما جمع الحسن واللذة والنفع يرغب فيه الكل، وما جمع منه أضداده الثلاثة يهرب منه الكل، والمصر: اسم لكل بلد عظيم مجموع الأقطار والحدود، وهو في الأصل اسم للمصور أي المضموم بالحدود نحو النقص والنكث للمنقوص والمنكوث، وعبر عن الحد بالمصر في قول الشاعر:
وجاعل الشمس مصرا لاخفاء به ....
بين النهار وبين الليل قد فصلا
من حيث إن الحد معتبر فيه، ومصرت الناقة جمعت ضرعها بإصبعين للحلب، ولما كان خروج اللبن على ذلك قيل غير مصور لقليلة اللبن، و " فلان مصور " أي بخيل يعسر إخراج الشيء منه تشبيها بذلك، فمصر ههنا قيل هو البلد المعروف، ولذلك قيل هو في قراءة أبي - رضي الله تعالى عنه - بغير تنوين، وقيل: عنى به مصرا من الأمصار، والذلة تقال على وجهين، على الهون وقريء:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} والمسكنة: الفقر الذي يسكن الإنسان عن التصرف، ومعنى {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ} أي ألزمت وأوجبت - تشبيها بضرب الخيمة على من فيها والإحاطة به، و " باؤا " أي احتملوا، وأصل ذلك من البوأ أي المساوية، فباء فلان بكذا تنبيه أنه تحمل مقدار ما يساوي وقوته، والمباءة: المنزل في المستوى، وذلك إذا لم يكن ذا عد، وبين الله تعالى في هذه الآية أنه لما اختار الله لهم ما يتبلغون به، أبوا إلا الميل إلي القاذورات وما فيه مراعاة القوة