فيقال: الإنسان والفرس واحد، أي من حيث الحيوانية، وواحد من حيث النوع، يقال زيد وعمرو واحد، أي من حيث الإنسانية واحد من حيث الشخص، وإن كان ذا أجزاء كثيرة، يقال: رجل واحد، وواحد من حيث الشرف، نحو قولهم: واحد دهره، وواحد من حيث العدد، وهو مبدأ العدد بمعنى أنه لو ارتفع ارتفعت الأعداد، [ولو ارتفعت الأعداد] لم يرتفع الواحد بها، فالواحد كيف ما أدرته وأجريته لم يزد فيه شيء ولم ينقص، فإنه يحفظ ذاته، ولذلك قيل: إن الواحدة في العدد أقرب الأشياء إلى معرفة وحدانية الله تعالى
فإن قيل: كيف قال: {لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ}، وكان لهم المن والسلوى؟ قيل: إن ذلك إشارة إلى مساواته في الأزمنة المختلفة، كقولك فلان يفعل فعلاً واحداً في كل يوم وإن كثرت أفعاله إذا تحرى طريقة واحدة وداوم عليها، والدعاء أعم من النداء، فإن النداء يقال فيمن يكون بعيداً أو في حكم البعيد والدعاء فيه وفي القريب، وقوله:{فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا} ذكر جواب الدعاء، ولم يذكر المطلوب في الأول لكونه معلوما كقولك: قل لفلان يعطني كذا، وتقديره: قل له أعطني يعطني، والنبت والنبات يقال لما ينبت الله ولمصدر نبت، وقد يقال ذلك لذوي الساق من الشجرة، وأنبت الغلام إذا راهق على طريق الاستعارة ولنبات عانته، والبقل مالا ينبت أصله ولا فرعه في الشتاء، وأبقل المكان: صار ذا بقل وتبقلت تناولته وبقل وجهه استعارة، والفوم: الزرع، وقيل: الحنطة خاصة، وقيل: الثوم، والثاء والفاء يبدل أحدهما من الأخرى نحوه جدث، وجدف، ومغافير، ومغاثير، وأدنى أي أوضع، ويعبر عن الوضيع بالدني، والخير يقال على ضربين: أحدهما الخير المطلق وهو الشيء النافع الحسن الملذ وضده الشر المطلق وهو الضار القبيح المؤلم، والثاني: الخير المفيد، وهو ما يحصل فيه أحد الأوصاف الثلاثة، فيصح أن يوصف بالخير مرة والشر مرة على نظرين مختلفين، نحو أن يقال المال خير والمال شر، ولأجل أن الخير المطلق هو ما جمع الأوصاف الثلاثة،