بالأخذ إلا إذا عرفوا ذلك منهما، والقراءة الأولى أجود، لأن هذا المعنى استفيد من قوله:(فإن خفتم) ..
إن قيل: لم رفع الجناح عنهما وذلك يجب أن يرفع عن الزوج الذي يأخده؟ قيل: لأن من الدفع ما يؤثم الأخذ والدافع كالربا، ومنه ما يؤثم أحدهما، فبين أن الجناح مرفوع عنهما، وليس ما قال الفراء أنه لا جناح على أحدهما، فنسب إليهما، كقوله تعالى:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} بشيء، وذكر أن كل ما بينه حدود الله، ولا يجوز تعديها، فإن من تعداها ظالم يستحق ما يستحقه ..
هذا الحكم متعلق بقوله:(الطلاق مرتان)، وقدم فصل بينهما بحكم الخلع وكيفية جوازه، فلما فرغ منه رجع إلى حكم الطلاق، فقال:(فإن طلقها) أي بعد الثنتين فلا تحل له أو لا يجوز أن يتزوج بها حتى تنكح زوجاً غيره، وبين أن ليس للإنسان أكثر من ثلاث تطليقات، والنكاح الذي يحلها للزوج الأول ظاهره يقتضي العقد، وإليه ذهب سعيد بن المسيب وأهل الظاهر، لكن قد ورد عن النبي -عليه السلام- ما اقتضي معه الوطء حيث قال:" حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك "، وقيل: حكمة الله
- عز وجل- في تحريمها عليه إلاً بعد أن يتزوج زوجة أخر الردع إلى التسرع في الطلاق، ولهذا دعا أن يتأنى في تطبيقها، فيطلقها للعدة طلقة بعد طلقة، ونبه على ذلك بقوله:{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}.