للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - عز وجل -:

{وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ}

الآية (٥١) سورة البقرة.

فرئ: " واعدنا " اعتباراً بالموعود وقبوله من الواعد وعده، فكان من كل واحد منهما وعداً، هذا بالإعطاء، وذلك بالقبول " ووعدنا " هو للاعتبار بالواحد دون الموعد، وعلى الثاني أكثر ما في القرآن نحو: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ} وتقدير أربعين ليلة انقضاؤها كقولك: اليوم أربعون يوماً منذ خرج زيد، أي تمامها، وقيل: إنما وعدهم ذلك في الأربعين، وأن لا يتجاوز هذا القدر، وهو الأصح، وقوله: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} على ذلك، فإنه قيل له: يكون ذلك انقضاء ثلاثين، ثم كان عند الأربعين، فلم يكن في الوعد إخلاف، وإنما كان فيه بعض الإبهام، فلهذا التبس عليهم، وذكر تعالى عظم جهلهم، وأنهم بعدما أعطوا من البينات ورشحوا لما وعدوا، تهافتوا على عبادة عجل اتخذوه وقوله: وأنتم ظالمون: عنى به الظلم المطلق وهو الكفر، وقد تقدم الكلام في أنواع الظلم وأنها بالقول المحمل ثلاث أعظمها الكفر، وفي الآية حث على معرفة ما وعدنا الله تعالى به ومراعاته والمنع من الاشتغال عنه تعالى بشيء بغيره، وعلى هذا الوجه قال بعض الناس: كل ما شغلك عن الله فهو عجل متخذ وطاغوت متع وشيطان مطاع ومبدأ كل ذلك اتباع الهوى، ولذلك قال: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} وقال وهذا وإن لم يكن كفراً فهو شرك وبهذا الوجع قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>