قد تقدم أن الإيمان في الأصل هو التصديق، ولا يكون التصديق إلا عن تحقيق، والتحقيق يقتضي العلم، فإذاً: الإيمان مقتض للعلم، وهو وإن كان في التعارف للعلم والعمل بحسبه، ففي الأصل، للاعتقاد النفسي، ولهذا قيل ما جاء الإيمان في القرآن إلا مقرونا بالعمل الصالح، ومما يؤكد ذلك خبر جبريل لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان لم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الله في تفصيله شيئا من الأعمال، فإذا قول من قال: ليست الأعمال البدنية من الإيمان فصحيح على وجه، وقول من قال: هي من الإيمان فصحيح على وجه، ولكن لا يعتد بعلم لا يضامه العمل، وما أصدق في ذلك قول الشاعر:
لا يطمع المرء أن تجتاب غمرته. . . بالقول إلا له جسرا له العمل
وأتبع قوله {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وإن كانا غير خارجين عن عمل الصالحات تخصيصا لهما لكون إحداهما أشرف العبادة البدنية، والأخرى العبادة المالية، وفائدة تعقيب أية الربا بهذه الآية تنبيه على منافاة ما يستحق بهذه الأعمال وما يستحق بتعاطي الربا ..