فإنه كان يدعو إلى أن يبخل وبخله يدعوه إلى منع الزكاة وترك المواساة، وذلك يؤدي به إلى حرص على تناول المال من كل وجه كالسرقة، والخيانة والغصب وعلى هذا قال جعفر بن محمد:" إنما حرم الله الربا ليتقارض الناس " وروي عن أبي أمامة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مكتوب على باب الجنة: القرض بثمانية عشر، والصدقة بعشر أمثالها ".
قال جعفر:
" لأن المستقرض لا يأتيك إلا وهو محتاج، والصدقة ربما وقعت في يد الغني "
إن قيل: لما قال: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} ولم يقل: كل كافر وهو تعالى لا يحبهما جميعا؟
قيل هو تنبيها على معنى لطيف، وهو أن الربا يدعو الإنسان إلى ترك الصدقة والزكاة وترك مواساة الناس والى أن يأخذ مال الغير بالباطل، كما أن فعل الصدقة يدعو إلي الاستكثار من الخير، ولهذا قيل: عودا مرا ما اعتاد، ومتى تعود الإنسان فعل الشرور يصير ذلك مانعا له عن الخيرات ومن الصدقة التي تطهر النفس فنبه الله بقوله:{لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} أن المرابي يؤدي به رباه إلى أن يصير كفارا أثيما وهما بناءان للمبالغة فإذا صار كذلك، فإنه لا يكاد يتوب، وإذا لم يتب لم يحبه الله المحبة التي وعد بها التوابين في قوله:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} فلهذا وجه تخصيص بناء المبالغة في ذلك.