بل للصحة والجمال وسائر الأمور البدنية والجارحة والسلطان، فإنه يفجع به الإنسان أحوج ما يكون إليه، فيكون بمنزلة من إذا كثر عياله فسد بالصاعقة بستانه، فبقى ضعيفاً لأفضل فيه لعمل وسعى في تصرف، وإنما ذكر أنه فجع بها، ولم يقل: مات عنها، فالنفوس مطبوعا على استعظام ذهاب المال عن الإنسان أكثر من استعظام ذهاب الإنسان عن ماله، قالوا: حلف للأعداء، ولا يجنح إلى الأصدقاء
إن قيل: كيف قال: " أيود " وهو مستقبل، ثم قال:" وأصابه الكبر "، فأتى بلفظ ماضي؟
قيل: قد قال الفراء: لما كان يود يتلقى مرة بأن يكون، ومرة بلو كان، جاز أن يقدر أحدهما مكان الآخر، لإنفاق المعنى، فكأنه قيل " أيود أحدكم لو كان له جنة، وأصابه الكبر "،
إن قيل: ولم قال: " وأصابه الكبر " ولم يقل: " وكبر "؟ في قوله:" وأصابه الكبر تنبيه على معنى التأثير والنكاية فيه، كقول الشاعر:
الطيب يقال تارة باعتبار الحاسة، وباعتبار العقل تارة، والخبيث في نقيضه، والأظهر أن المعني به هاهنا المعقول الذي هو الحلال، فقد روي: " ثلاث إذا كن في التاجر طاب كسبه، لا يعيب إذا اشترى، ولا يمدح إذا باع، ولا يكذب " وروي: لا يحلف.