قيل: قد يرون في قراءة ابن مسعود: (لا جناح عليهن)، والصحيح ما عليه المصاحف، ووجه ذلك أمران:
أحدهما: أن النساء لما كن تابعات للرجال، وتحرر أمرهم، صار الجناح في كثير مما يفعلن راجعاً إليهم إذا لم ينهوهن، ولهذا قال:{قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} والتاني: أن ما يشير إليه، فإنهن يفعلن في أنفسهن هو أمر يتعلق بالرجال، فلا يمكنهن أو يساعدوهن وكل موضع اجتمع مذكر ومؤنث أو مخاطب أو غائب، فالحكم في اللفظ للمذكر والمخاطب دون المؤنث والغائب، فلهذا قال: عليكم إن قليل: لم قال هاهنا {مِنْ مَعْرُوفٍ}، وقال فيما قبله (بالمعروف)، وقال هاهنا:{وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، وفي الأول:(والله بما تعملون خبير)؟
قيل: إن " من " والباقي مثل هدا الموضع يتقاربان حكماً، وإن كانا يختلفان من حيث العربية تقديرا، فقوله:{مِنْ مَعْرُوفٍ} إباحة لجنس الأفعال المعروفة، أي المباحة لجنسه، وقوله:(بالمعروف) في موضوع الحال، وهو إباحة لما فعلته على شريطة تحري المعروف وقال ههنا: لما ذكر ما هو تعريض التغيير أو غيره على التفسير المتأخر، قال:{وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} تنبيها أنه تعالى قادر على تغيير ما يغير غير لاحق به مضرة من مخالفتكم له، ولا منفعة في موافقتكم إياه أمره وحكمته في تغييره، وقال في الحكم المقرر عليهم على التأييد، (والله بما تعلمون خبير) - تنبيهاً أن من قصر فيما رسمه، فمجازى به ..