على القول المجمل مرتب بعضها على بعض الأول: معرفة الأحكام الظاهرة والعمل بها، والثاني: معرفة علم الزهاد من عيوب النفس وقمع الشهوات وأخذ النفس به، والثالث: علم المعاملات، وهي معرفة الخواطر ومراعاتها، وذلك السبيل إليه، ولا سبيل إلى تحصيل الإيمان الحقيقي الذي وصف به المؤمنين في قوله:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} إلاً بها، وهذه المنازل الثلاث هي المعنية بقوله- عليه السلام- " سائل العلماء، وخالط الحكماء، وجالس الكبراء "، فبين تعالى أن من أمن سالكا هذا السبيل، فقد اهتدى، ومن جمع فقد شاق، ثم قال {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} تسكيناً للمؤمنين وأمناً من معرفتهم ...
الصبغة إشارة من الله- عز وجل- إلى ما أوجده فينا من بداية العقول التي ميزنا بها من البهائم، رشحنا به لمعرفته ومعرفة حسن العدالة وطلب الحق وهو المشار إليه بالفطرة في قوله:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} الآية ...
والمعنى بقوله- عليه السلام- " كل مولود يولد على الفطرة " الخير، وتسمية ذلك بالصبغة من حيث أن قوى الإنسان التي ركب عليها إذا اعتبرت بداية يجري مجرى الصبغة التي هي زينة للمصبوغ، ولما كانت اليهود والنصارى إذا لقنوا أولادهم اليهودية والنصرانية يقولون قد صبغناه بين تعالى أن الإيمان بمثل ما أمنتم به هو صبغة الله وفطرته التي ركزها في الخلق، ولا أحد أحسن