قال بعض العلماء إنما قال " بسم الله " ولم يقل " الله " لأنه لما استحب الاستعانة بالله تعالى في كل أمر يفتتح به من قراءة وغيرها، فبعضهم - يذكره - بقلبه، وبعضهم يزيد عليه ويقوله بلسانه ويكون أبلغ - و " ذكر الله مستعمل في كل ذلك " - وألفاظ الاستعانة نحو " أستعين بالله " و " اللهم أعني " ونحو ذلك كثير، فصار لفظة " بسم الله " مستغني به عن جميعها وقائماُ مقامها، ولو قال " بالله "(لكان يقتضي الاستعانة) بهذه اللفظة فقط و " اسم - ههنا - موضوع موضع المصدر، أي: التسمية، نحو قوله: وبَعَدَ عَطَائِكَ المْائَةَ الرَّتَاعاَ
أي: إعطائك، وكما وضع " السلام " موضع " التسليم ".
وذكر أبو عبيدة أن قوله " بسم الله " معناه: الله - والاسم زيادة - واحتج بقول الشاعر:
وإنما المعنى أن القائل إذا قال " الله أبتدى " فمعناه: بهذا الاسم.
وإذا قال: " بسم الله " فإن المقصود به " المسمى " فصار قول القائل " أفتتح باسم الله " يفيد فائدة أفتتح الله.
وما ذكر من الخلاف في أن " الأسم " هل هو " المسمى "؟ أو " غيره ".
فقولان قالواهما بنظرين مختلفين، وكلاهما صحيح بنظر ونظر، وذاك أن من قال: الاسم الذي هو زيد أو عمرو، هو المسى، فإنما نظر إلى نحو قولهم: " رأيت زيداً "، و " زيد رجل فاضل "، فإن " زيداً " - ههنا - عبارة عن المسمى، والرؤية تعلقت به، ومن قال: هو - غير المسمى، فإنه نظر إلى [نحو]- " قولهم ": سميت ابني زيداً و " زيد اسم حسن "، وإنما عنى: أني سميت: بهذا اللفظ الذي هو " ز ي د " وأن هذا محكوم عليه بالحسن.
فإذا - قولك: زيد حسن لفظ مشترك يصح أن يعني به أن هذا اللفظ حسن وأن يعني به أن المسمى به حسن، ونحو هذا الاشتباه في قولك: هذا إنسان، فإنه يستعمل على ضربين أحدهما