البديع: يقال للمُبدع والمبدع جميعاً، والإبداع إيجاد فعل ابتداء لا احتذاء، ولهذا قيل: فلان بدع في كذا، وجدل البدعة اسماً لكل مخترع لم يؤثر عن أرباب الشرع.
والقضاء: إتمام الشر قولاً أو فعلاً، فمن القول قوله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}، {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ}، ومن الفعل قوله:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} وقضى فلان دينه، وقضى
نحبه، وانقضى الأمر، وتقضى بلغ أخره، ذكره تعالى هذه الآية حجة رابعة شرحها أن الأب هو عنصر للابن، منه تكون، والله مبدع الأشياء كلها، فلا يكون عنصرا للولد، فمن المحال أن يكون المنفعل فاعلاً، وخص لفظ الإبداع لكونه أبلغ لفظاً وأبعده عن الاحتمال، وذلك أن أفعال الله تعالى على ثلاثة أوجه: إبداع وهو " اختراع " الشيء لا عن شيء ولا في زمان، ويستعمل ذلك في إيجاده تعالى المبادئ، و " صنع " وهو تركيب صورة مع العنصر، وتستعمل في إيجاده الأجسام، و " تسخير " وهو سوق الشيء إلى غرضه المقصود منه طوعاً أو قهراً، ويستعمل في القوى التي أوجدها في السحاب والأمطار والأغذية والأدوية، وكل هذه الثلاثة يقال له الخلق، وأقدمها الإبداع، ونبه بقوله:{قَضَى أَمْرًا} على حجة خامسة، وهو أن الولد يكون بنشر وتركيب حالاً بعد حال، وهو إذا أراد شيئاً فقد فعل بلا مهلة ولم يرد " بإذاً " حقيقة الزمان، إذ كان ذلك إشارة إلى ما قبل وجود الزمان، ولم يرد أيضاً " بكن " حقيقة اللفظ ولا بالفاء التعقيب الزماني، بل استعير كل ذلك ولأنه أقرب ما يتراءى لنا به سرعة الفصل وتمامه، وذكر لفظ " القضاء "، إذ هو لإتمام الفعل.