هذا يرجع قوله تعالى:{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} إلى الصنف الأول، {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} إلى الصنف الثاني، قوله تعالى:{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(٥)
قد تقدم القول في ذكر الهداية بما أغنى عن الإعادة.
فأما " الفلح " فأصله: الشق ومنه قيل: " الحديد بالحديد يفلح " وسمى " الأكار " فلاحاً، اعتباراً بمبدأ فعله، وهو شق الأرض، ومن قال: يسمى " المكارى " فلاحاً لقول الشاعر " وفلاح يسوق لها حماراً " فهذا سوء نظر منه، فإنه أراد أكاراً يسوق حماراً، فكما أنه لو قال: أكاراً يسوق حماراً، لم يكن يجب أن يقال: الاكار: هو المكاري، كذلك هذا.
وسمي " الظفر " فلاحاً اعتباراً بكشف الكربة.
ثم " الفلاح " تارة يعتبر بأعراض الدنيا، فيقال: أفلح فلان: إذا ظفر بما يريده.
وقول من قال: الفلاح: البقاء، لقول الشاعر: وترجو والفلاح بعد عاد وحميرا فإنما عني الفرج.
والبقاء: بعض الفرج.
فإذا ذلك عام موضوع موضع خاص.
وقد استعمل " الفلاح " في الآية لما هو في الحقيقة ظفر وفرج، كما قال عليه السلام:" لا عيش إلا عيش الآخرة " وهو قوله تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ}.