العلم ههنا بمعنى المعرفة ويتعدى ذلك إلي مفعول واحدة وحقيقة ذلك أن معارفنا ضربان.
أحدهما: حصول صور الموجودات في النفس وذلك كالمعرفة بذات الشيء، والثاني: الحكم بوجود شيء لشيء هو موجد له، أو الحكم بنفي شيء عن شيء هو منتف عنه، فالأول: يقال له معرفة وعلم، ويتعدى إلى مفعول واحد، وعلى ذلك قوله:{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ}، وقوله:{لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} والثاني: يقال له علم، ولا يقال له معرفة، ويتعدى إلى مفعولين لا يصح الاقتصار فيه على أحدهما من حيث إن ذلك يقتضي إثبات حكم أو نفي حكم لمعلوم، والاعتداء مجاوزة الحق على وجه محظور قال الحسن: كان اعتداؤهم في السبت أخذهم الحيتان على جهة الاستحلال وقيل: حبسهم إياها في الشباك يوم السبت ليأخذوها يوم الأحد، والسبت في الأصل راحة بعد تعب، واستعمل في الشعر إذا حلق لهذا المعنى، وفي الجلد إذا أزيل عنه الشعر تشبيها به، وقيل للنعل " سبت "، أي مسبوت نحو نقض، ونكث، والسبات للنوم من ذلك، والسبت قيل جعل اسما للنوم من ذلك، وخسأت الكلب فخسأ، زجرته فانزجر وخسأ البصر من ذلك أي انقبض، وقوله {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} أي جعلناهم، فذكر القول ههنا تنبيها على سرعة جعله كذلك نحو قوله:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ}، أي جعلنا له وبيان جعله الإنسان قردة وخنازير يحتاج فيه إلى مقدمة وهي أن الإنسان أتم ما أوجده الله تعالى في هذا العالم وأشرف، فإن الأعيان المبصرات بالقول المجمل أربعة، الجماد [وهو الجسم غير النامي]، ثم النبات وهو الجسم النامي، ثم الحيوان، وهو النامي