للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يخلف في أصل الموضوع، ومن حيث الاشتقاق فالإفضال بذل مالا يجب عليه، أو ترك ما يجب له وذلك من الفضل وهو الزائد على العدل، والإحسان.

الفعل الحسن سواء كان واجبا وعدلاً أو نافلة وزائدا على العدل وأن كان في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} الآية ما يقتضي ما يزيد على العدل والإنعام يقتضي ما يتنعم به المنعم عليه، ولا يكاد يقال في التعارف يقال فيما يقتنيه الإنسان في نفسه هذه، وفيما يعطي غيره تارة، فيقال فيهما: فلان ذو فضل، والثاني هو المراد ههنا، وقول أبي العالية والربيع: " إن فضل الله الإسلام "، ورحمته " القرآن "، فذلك بعض ما يقتضيه عموم اللفظ، ولكن في قولهما تنميه، إن هذا خطاب لمن كان في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - دون المتقدمين، والخاسر المطلق في القرآن هو الذي خسر أعظم ما يقتني، وذلك [نعيم] الأبد، وهو المذكور في قوله: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، إن قيد: إن ذلك يقتضي أن لا فضل له تعالى على الذين خسروا [أنفسهم]، قيل: تخصيص من انتفع بذلك من حيث إنه قبله لا يقتضي إن لم يعرض فضله لغيره فإن فضله تعالى الديني معرض لكل أحد، لكن حق الإنسان أن يترشح بقبوله والانتفاع به، فمثله كمثل نعمته بالشمس والصوب اللذين وإن كانا عامين لا ينتفع بهما من زرعه من لم يرشحها للانتفاع بهما، كذلك فضله الديني والعقلي لا ينتفع به من لم يرشح نفسه بقبوله ..

<<  <  ج: ص:  >  >>