وذلك ثلاثة أشياء حق العالم أن يعني بتهذيبها وسد الثُّلم المنبثقة عنها ..
أحدها: وقوع الشبه من الألفاظ المشركة وقد تقدم.
والثاني: اختلاف النظرين من جهة الناظرين، وذلك كنظر فرقتى - أهل الجبر والقدر، حيث أعتبر أهل الجبر السبب الأول فقالوا: الأفعال كلها من جهة الباري - سبحانه " وتعالى " - إذ لولاه لم يوجد شيء منها، وقال أهل القدر: إن الممكنات من جهتنا، حيث اعتبرو السبب الأخير، وهو المباشر للفعل دون السبب الأول، والثالث: اختلاف نظر الناظرين من اللفظ إلى المعنى، أو من المعنى إلى اللفظ، وذلك كنظر الخطابي إلى اللفظ في إثبات ذوات الأشياء، ونظر الحكماء من ذوات الأشياء إلى الألفاظ.
وذلك نحو الكلام في صفات الباري - عز وجل - فإن الناظر من اللفظ وقع عليه الشبهة العظيمة في نحو قوله تعالى:
{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، وقوله:{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}، وما يجري مجراه.
وأهل الحقائق لما بينوا بالبراهن أن الله تعالى واحدُ منَّزُهُ عن التكثر، فكيف عن الجوارح؟ بنوا الألفاظ على لذك، وحملوها على مجاز اللغة ومشاع الألفاظ، فصينوا عما وقع فيه الفرقة الأولى ...