شريعته، وذلك كقولك: ما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، وأما قوله {وَمَا أُوتِيَ مُوسَى} فهو على الاستئناف، وقوله:{وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ} معطوف عليها وقوله: {مِنْ رَبِّهِمْ} خبره، فكأنه لما اختلف فيما أنزل عليهما، وادعى بعض أتباعهما عليهما ما لم ينزل إليهما بين تعالى أن ما أوتيا أي ما خصابه لا ما ادعى عليهما، وما أوتي النبيون جملة المذكورين وغير المذكورين من ربهم، أي منزل من ربهم، ثم قال:{لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ}، أي لا يكون بمنزلة اليهود الدين آمنوا ببعض وكفروا ببعض.
إن قيل: لم قال: بين أحد منهم، ولفظ أحد وإن كان قد يعمم به في النفي فهو متناول للواحد، ولو قال بينهم لكان أوجز؟ قيل: لما كان القصد إلى أن نبين أن لا نفرق بين واحد واحد ذكر لفظ أحد فكأنه قال: لا نفرق بين أحد وجماعتهما أي لا يخرج واحد من حكمهم، فكان لفظا أحد أدل على المعنى المقصود، ثم بين بقوله:{وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} إنا مسلمون له إسلام إبراهيم عليه السلام ..
الشقاق المنازعة، يقال: شق العصا، أي فارق الجمع، وشاق القوم صار كل نفر في شق، وشاقوا الله أي صاروا في شق غير شق أوليائه، وعلى ذلك:{يُحَادُّونَ اللَّهَ} أي صاروا في حد غير حده ..
إن قيل: ة كيف قال: (فإن أمنوا بمثل ما أمنتم به) ولم يقل أبما أمنتم أو (مثل ما آمنتم)، وذلك يقتضي إثبات مثل الله- عز وجل-، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: لا تقولوا: (فإن آمنوا بمثل ما أمنتم به)[ويكن قولوا فإن أمنوا بالذي أمنتم به] وإن لم يكن هذا السؤال لازماً فما كان [وجه] الإنكار منه؟ قيل إن الباء ههنا ليس للتعدية كما هو في قولك (مررت بزيد)، و (آمنت بالله) وإنما هو للإله، ومعناه أن تحروا الإيمان بالسبيل الذي تحريتم به، والإشارة بقوله:{بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} إلى السبيل المذكور في قوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} وسبيل الله المتوصل به إليه ثلاث منازل