للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإحسان إليه، ولم يقل: تاب عليهما لما تقدم أنه جعلها تابعة له، لا مقصوده في نفسها.

وفي الآية تنبيه يعني هو أنه متى تلقينا منه ما أنعم به علينا من العلوم، واستعملناه واعترفنا بذنبنا وطلبنا منه التجاوز عنه ونحن في مهلة من الحياة تاب علينا وأحسن إلينا.

قوله - عز وجل -:

{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

الآية (٣٨) - سورة البقرة.

والمجيء والإقبال والإتيان متقاربة غير أن المجيء عام والإقبال مجيء من ناحية القبل والإتيان مجيء عن بعد ومنه قيل: الآتي " للغريب وللسبيل " الجائي " من بعيد، و " أتيته " أي: " أعطيته " منقول عن أتيته و " اتوته " وهما لغتان، والاتباع والإتلاء والاحتذاء والاقتداء تتقارب فالإتلاء: مجيء بعد أخر فاصل بينهما من جنسهما، والاحتذاء منقول من حذو الفعل بالفعل والاقتداء: اتباع على مدى، أي على قدر المتبع بلا تجاوز ولا تأخر، والاتباع عام في كل ذلك، ومنه قيل في الرعية " أتباع " و " سمي العجل التابع لامه تبيع، والخوف والفزع والحذر والرهبة والهيبة والخشية والوجل والشفقة تتقارب فالخوف توقع مكروه عن أمارة وذلك للمذنب ولهذا قال أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -: " لا يخافن امرؤ إلا ذنبه ولا يرجون إلا ربه " والفزع: اضطراب عن وهم، كمن يسمع هدة فاضطرب، والحذر: خوف مع احتراز، والرهبة خوف مع اضطراب واحتراز والهيبة: رهبة مع استشعار تعظيم، والشفقة: خوف مع محبة، ولذلك قيل: الخوف والحذر للمذنب والرهبة للعابد والخشية للعالم، والهيبة للعارف والحزن خشونة تعتري النفس، مشتق من حزونة الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>