ولذلك يقال: خشنت بصدره، وقيل: الحزن والغضب من جنس واحد، وقد تقدم الكلام فيه.
والفائدة على تكرير قوله:(اهبطوا) لتكرير الشرط المقرون به، فإن الأول فرن بحال العداوة الثانية بينهم وسكونهم في الأرض إلى مدة متناهية، والثاني: بين به أنهم وإن اشتركوا في الهبوط، فهم متبانيون في الحكم فإن من اتبع هدايته فهو على سبيل الخلاص،
إن قيل: لم لم يقل: فمن تبعه فيستغنى بالضمير عن التكرير، فقد استقبح في باب البلاغة تكرير اللفظة الواحدة في الجملة الواحدة حتى استرذل قول الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء ....
تغص الموت ذا الغنا والفقيرا
وقول آخر مع جودة معناه
بجهل كجهل السيف والسيف منتضي ...
وحلم كحلم السيف والسيف مغمد
قيل: إن ذلك يستقبح إذا لم يحصل في الثاني معنى غير المعنى الأول كالبيت.
والآية بخلاف ذلك، فإن الهدى من الله ضربان، ضرب بالعقل، وضرب بقول الرسل، وأراد تعالى بقوله:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} ما يأتي على ألسنة الرسل - عليهم السلام -، ويقوله: هداي ما على لسانهم، وما كان من جهة العقل فنبه أن من أتاه رسول ورعاه مع رعايته لمقتضى العقل فهم الأولياء الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
إن قيل: كيف نفى الخوف عن الأولياء في مواضع نحو قوله: