قد تقدم أنواع الحياة، وأن أشرفها الحياة الأبدية في الآخرة، وإذا وصف الباري - عز وجل - بها، فمعناه الدائم الذي لم يزل ولا يزال، ولا يصح عليه الموت بوجه، والتحية بذل الحياة فإذا قيل.
" حياك الله "، فمعناه: خولك الحياة، وكذا إذا قيل:" حياك فلان " غير أن الأول إعطاء بالفعل، والثاني بالقول وكذلك التسليم إعطاء السلامة على أحد الوجهين، والقيوم فيعول، وقال: فيعال، وكذلك واوه لأن الواو والياء إذا اجتمعا والأولى ساكنة، قبلت الواو ياء، وعلى ذلك " ديار " ولو كان فعلها لقيل قوام، ودوار " يقال قام كذا " أي دام، وقام بكذا، أي حفظه، والقيوم في وصفه تعالى هو الدائم الحافظ للعالم وجواهره وأعراضه، والقصد بمعناه إلى قوله:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} ومن قال: القيوم بالشيء: العالم به، فصحيح أيضا، لأن حفظ الشيء يقتضي المعرفة به، ولهذا قيل للمعرفة الحفظ، ولضدها النسيان، وأصل النسيان الترك، والأخذ يعبر به عن الاستيلاء على الشيء والقهر يقال: أخذته الحمى، وفلان مأخوذ ومقهور، والسنة: عبارة عن الفتور والغفلة، والنوم يفسر على أوجه كلها صحيح، الأول: أنه استرخاء أعصاب الدماغ برطوبة البخار الصاعد إليه، وذلك بالنظر الطبي، والثاني: أن يتوفى الله النفس من غير موت، وهو الذي قال:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} وقيل: ترك الروح: استعمال الحواس من خارج إجماماً لها، وسئل بعض