" الناس غاديان: مبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها " وهو الذي يعبد الله خوف عقاب ورجاء ثواب، وظالم لنفسه، وهو المؤمن المقصر في استفادة المنزلتين المتقدمتين المتواكل في علمه وعمله المذكور في قوله:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} وهو المستحق للشفاعة المذكور في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " فبين تعالى أن من لم يحصل له إحدى هذه المنازل الثلاث فلا سبيل له إلى اكتسابها في الآخرة، وقوله:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} لما كانت العدالة بالقول المجمل ثلاث:
عدالة بين الإنسان ونفسه، وعدالة بينه وبين الناس، وعدالة بينه وبين الله تعالى، كذلك للظلم ثلاثة في مقابلتها وأعظم العدالة ما بين الإنسان وبين الله وهو الإيمان، وأعظم الظلم ما في مقابلته وهو الكفر، فلذلك قال:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} أي هم المستحقون إطلاق هذا الوصف عليهم بلا مثوبة ..
إن قيل: كيف تعلق قوله: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} بما قبله؟
قيل: لما نفى أن يكون للكفار شيء مما ذكره في الآخرة، بين أن ذلك ليس بظلم منه لهم، لكن هم الظالمون إذ هم الذين خسروا أنفسهم ..
إن قيل:
كيف نظم هذه الآية مع التي قبلها؟
قيل: لما بين في الأولى أن منهم من آمن ومنهم من كفر، خوف المؤمنين أن يتحروا ما يخشى منه