الوجود يقال باعتباره بالحاسة، وباعتباره بالتخيل، وباعتباره بالفهم والعقل، ومتى قيل باعتباره بالعقل فعلى ضربين: متعب إلى مفعول واحد، ومعناه كمعنى عرفت، ومؤكد إلى مفعولين، ومعناه قريب من معنى علمت، والحرص أصله أن لا يرضى بالكفاية ويضاده القناعة، وأصله هن حرص القصار الثوب، والحارصة وهي شجة تشق الجلد، فالحرص كأنه مزيل للحياء والكرم عن النفس، وأصل الشرك مساواة اثنين فصاعداً في شيء كتجارة وزراعة وميرات [وشراك للفعل وشراك الخيط] معتبر فيه معنى الشركة، وكذا الشرك للطريق والحبالة للصائد، وصار الشرك متعارفاً فيمن يثبت مع الله إلاها آخر أو يصفه بصفة على حد ما يوصف به شي من المكونات فيطلق تارة على من لم يكن من أهل الكتاب، كقوله:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}، وهم الذين لا يقارون على بذل الجزية، ومرة يقال لأهل الكتاب لقولهم عزيز ابن الله والمسيح ابن الله [وقولهم اتخذ الله ولداً] ومرة يطلق على الربا ونحوه فروى أن أبا حنيفة- رحمه الله تعالي- قال لجعفر بن
محمد- رحمهما الله تعالى- من أين قال أبوك: الرياء شرك؟ فقال: من قول الله- عز وجل- {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.
ولما لم ينفك عامة الناس من تشبيه ما في أوصاف الله تعالى ومن رياء ما في عبادته، قصارى تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ...