المصيبة من: أصاب السهم، إذا بلغ على صواب، وهي في الأصل صفة، وليس يريد بالقول اللفظ فقط، فإن التلفظ بذلك مع الجزع القبيح والسخط للقضاء ليس يعني شيئاً وإنما يريد تصور ما خلق الإنسان لأجله، والقصد له والاستهانة بما يعرض في طريق الوصول، فأمر تعالى ببشارة من اكتسب العلوم الحقيقية وتصورها، وتصور بها المقصد ووطن نفسه عليه.
فإن قيل: ولم قلت إن الأمر بالصبر يقتضي العلم، وما الصبر من العلم؟
قيل: الصبر على الحقيقة إنما يكون لمن عرف فضيلة مطلوبة، ولهذا قال الخضر لموسى لما علم أن ليس يرف مقصده في فعله قال: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} فدل أن حقيقة تحمل الصبر لأبد له من معرفة المقصود به، وقال عليه السلام " أعطيت أمتي ما لم يعط أحد، قال يعقوب [عند المصيبة] يا أسفي، وأعطيت أمتي أن يقولوا:{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، وقال عليه السلام: " من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته، وأحسن عقباه، وجعل