للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل:

{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ}

الآية (٧٠) سورة البقرة.

إن قيل: لم قال: ما هي؟ ولم يقل أي بقرة هي؟ أو كيف هي؟ وما يسأل به عن الأجناس، والأنواع، وإنما يسأل عن الأعراض بكيف وبأي؟ قيلت إنما قد يسأل به عن كل ذلك، فيقال: ما هذا الإنسان؟، أي ما حاله وما صفته، كما يقال كيف هذا الإنسان وأي إنسان هو؟ وكيف وأي لا يسأل بهما عن الأجناس والأنواع، والفصل بين ذلك أن لفظ ما من لفظة أي وكيف يجري مجرى الجنس من الأنواع، فكما يصح أن نعبر عن النوع بالجنس، فيقال للإنسان هو حيوان، ولا يصح أبو يعبر عن الجنس

بالنوع، فيقال لكل حيوان إنسان، كذلك يصح أن يعبر عن أي وكيف بما، ولا يصح أن يعبر لكن كل ما فيه ما بأي وكيف، وقرئ " تشابة " على لفظ الماضي، فجعل لفظ البقر مذكراً، وتشابه بالتخفيف على تقدير تتشابه، فحذف إحدى ألتاءين وقرى " تشَّابة " بتشديد الشين على إدغام التاء في الشين، وقرئ " يشابه " بالتشديد على الإدغام والتذكير والاشتباه أن يشبه البعض البعض، فيصعب التمييز بينهما، وروى أنهم لما قرنوا بالمراجعة الأخيرة قولهما: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} وفقهم الله لمعرفة

ما سالوا عنه ولترك التعنت، وقال النبي- عليه السلام- " والذي نفس محمد بيده لو لم يستثنوا ما بينتْ لهم أخر الأبد "، وفي ذلك حث، حيث قال الله تعالى لعباده على استجلأب توفيقه وضم لفظ المثنوية أي: مشيئة الله إلى كل ما يذكر من مستقبل الأمر كما قال: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}

<<  <  ج: ص:  >  >>