فالموهوب: كجودة الحفظ والفهم وصحة البدن والجاه، وكل ذلك لا يستحق بحصوله الحمد، ولا بفواته الذم، والمكتسب كالعلم والعمل الصالح المتوصل بهما إلى الثواب وهو الإيمان، وبه يستحق المدح والذم، فبين تعالى أنه إذا ائتمرتم في أمر القبلة، وصلتم إلى الحالة التي يحصل لكم الخشية المشار إليها بقوله:
ما مع ما بعده مصدر، أي: كإرسالنا، والكاف فيه متعلق بقوله ولأتم نعمتي عليكم، أي إذا أنتم ائتمرتم في أمر القبلة وخشيتم الله دون الناس أتم عليكم كلمته كنعمته بإرسال رسول هكذا تنبيها أن النعمة في بعثته ودعائه العالم إلى دين مخالف لدينهم، ووعدكم أته سيظهر دينه على الأديان كان أعظم من تغيير القبلة، وقد وفى بذلك، وقيل: تتعلق الكاف بقولها " اذكروني " وهو بعيد ...
إن قيل: كيف أخر فيما حكى عن إبراهيم عليه السلام قوله: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا) ذكر التزكية عن تعليم الكتاب والحكمة وقدمها هاهنا؟ قيل: التزكية من الله عز وجل ضربان، أحدهما الشهادة بطهارة الإنسان، وذلك يكون بتزكية الإنسان نفسه، وذلك مؤخر عن تحصيل الإنسان الكتاب والحكمة والعمل بهما، وإياهما عنى إبراهيم- عليه السلام- في دعائه، فلذلك أخر، والثانية من الله - عز وجل- تبين أحكامه الشرعية، ومن العبد العمل بها، وذلك متقدم علي معرفة حقائق الكتاب والحكمة وهي المعنية ههنا، فلهذا قدم