إلا حجة الذين ظلموا، قال: والظالم لا حجة له في الحقيقة فصار كقول الشاعر:
ولا عيبَ فيهِمْ غيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ ....
بِهِنَّ فُلُولُ
البيت راجع إلى الأول وأما قول أبي عبيدة إن تقديره " والذين ظلموا " فإن أراد أن معناه هذا على تقدير ما تقدم فصحيح، وإبل أراد أن معناه بمعنى " الواو " هبعيد، وقول الشاعر الذي احتج به وهو قوله:
ماَ بالمدينة دارٌ وَأحِدةٍ
دارُ الخَليَفة إلا دارُ مَرَوانِِ
فتقديرها: ما بالمدينة دار إلا دار مروان غير واحده، وهي دار الخليفة، فقد أثبت دارين فصار من حيث المعنى، كما قال: ليس معنى إلا معنى الواو، وإن قيل: أي حجة لهم على ألكفار إذا فعلوا ذلك، وأي حجة تسقط عنهم، قيل لما ذكر الله تعالى:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، ومن أن التوجه إلي الجوانب سواء في المعقول أبان أق إنما قصرهم على جانب واحد لئلا يختلف توجيههم فيحتج عليهم الكفار بالاختلاف، ويقولون: ما بالكم تصلون إليها تارة وإلى غيرها أخرى، وقوله:{فَلَا تَخْشَوْهُمْ} أي لا تراقبوهم ولا تستحيوا منهم، وذلك لما علم أن كلامهم عناد للعقيدة عند ظهور الحجة عن التزامها، فقال لهم ذلك والخشية قد تجري مجرى المراقبة والاستحياء في قوله:{وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} وقوله: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} معطوف على قوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} وإتمام نعمته هو أن نعم الله تعالى ضربان: أحدهما موهوب، والآخر مكتسب،