الحساس، ثم الإنسان وهو الحساس المروي، فللإنسان صورتان، مهما باين ما سواه إحداهما مدركة بالحاسة، وهو الشكل المخصوص، والثانية مدركة بالعقل، وهو ما خص به من قوة الفكر والتمييز والعقل، فالإنسان بهذه القوة يشابه الملائكة وبقوته الشهوية والعضبية يشابه البهائم، فصار واسطة بين القبيلين، وفيه تكمن من التشبيه بالقلبيلين، أما تشبيهه بالملائكة، فبإماتامة قوته الشهوية بقدر الطاقة وتربية قوته الفكرية وتعاطيه ما وصف الله به الملائكة في قوله:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، وأما تبيهه بالبهائم، فبإماماتق قوته الفكرية وتربية قوته الغضبية والشهوية وتعاطيه ما وصف الله به الكفار، فقال:{يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ} وقال: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}، فإذا ثبت ذلك، فمن اعتبر الصورة المعقولة قال: هذا مثل ضربه الله لهم كقوله: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}، وقوى ذلك بقوله:{وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} وإليه ذهب مجاهد ومن اعتبر الصورة الشكلية قال: جعلهم على شكل القردة والخنازير كذا روى عن ابن عباس - - رضي الله تعالى عنهما - والحكمة تقتضي الأمرين إدا تحرى بذلك ردع الكافة، فإن تغيير الصور المعقوبلة لا يعرفه إلا الخاصة هن أولي البصائر والعقول الراجحة وتغيير الصور الحساسة يشاركهم فيها العامة وأصحاب الحواس والدين لايرتدعون إلاً بما تدركه حواسهم فتبهرهم وغيرهم.