قيل: في ذلك جوابان، أحدهما: أن المسكوت عنه هو تفصيل الميتة، وقد ذكر ههنا الميتة المستوعبة لكل ما مات روحه عن غير ذكاة، والثاني: أنه لما كان القصد في هذه الآية حكم تناول المضطر دون استيعاب المحرمات،) ذكر الكل منها وترك البعض، والباغي في الأصل الطالب لما ليس له طلب والعادي: المتجاوز لا رسم له بالشرع، وقال الحسن وقتادة والربيع وابن زيد: عنى بقوله: (غير باغ غير متناول للذة، ولا عاد في المعصية طريق المحقين، وإلى نحوه ذهب الشافعي- رحيمة الله عليه، والظاهر يشهد له، لأن قوله: (غير باغ ولا عاد) متعلق بحال الاضطرار، فكأنه قال:" من حصل له اضطرار " لا على أحد هذين الوجهين، وعلى الأول تقديره: فمن اضطر فأكل غير باغ ولا عاد فيكون غير متعلق بمقدر محذوف، ومن أنكر ذلك وقال: إنكم تأمرونه بقتل نفسه إذا خطرتم ذلك عليه، وقتل نفسه محرم عليه عاصياً كانوا أو مطيعاً، فجوابه إنا لم نأمره بذلك، بل أمرناه بأن ييخرج عن الحالة التي تكون الميتة محرمة عليه، وذلك بأن يتوب [وينزع عما هو عليه] وإلا كان متناولاً لمحظور كما أن سفره محظور،
فإن قيل: أليس من سفره طاعة؟ إنما أجل له للإضطرار.
لا للطاعة، فإذن العلة لمدير الضرورة، فيجب أن تكون مطردة، قيل: بل العلة هي الضرورة مع حصول الطاعة، فقد قال الحكماء وهو الصحيح: إن الله تعالى جعل للإنسان طيبات الرزق وبشرط الإيمان، ولهذا قال:{قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، خالصة يوم أخذه فما أخذه الكفار من نعيم الدنيا، فإنما يأخذه اغتصاباً في الحقيقة، ولذلك قد تستقيم أحوالهم، والآية تقتضي أن المضطر مخير في تناول أيها يريد وهو