وجل- فصح أن ينسب إليه، ولهذا قد ينسب فعل واحد تارة إلى الله عز وجل-، وتارة إلى غيره، نحو:{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ}، وقال تعالى:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}،،
فإن قيل: هل يجوز على هذا القياس أن يقال شيء إذا عنى به عبداً؟
قيل؟ نحن إنما أجزنا إستعمال ما استعمل فيه تعالى لورود السماع به، ولولا ذلك لنزهناه عن كل وصف يطلق على البشر تفادياً من وهم بشبيه، وقوله:(وقضي الأمر) تنبيهاً أنه حينئذ لا يمكن تلافيه، وأكد ذلك بقوله:{وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}.
أي ما قد ملكه عباده في الدنيا من الملك، والملك والتصرف مسترد منهم يوم القيامة، وراجع إليه، ويقال: رجع الأمر إلى الأمير، أي استرد ما كان فوضه إليه، وقيل: عنى بالأمور الأرواح، وسماها أموراً من حيث إنها من الإبدعات المشار إليها بقوله:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، وقوله:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} وقال: ولهذا لما سئل سكان الروح قال: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}، أي هو من الإبداع الذي لا يمكن للبشر تصوره، فنبه أن الأرواح كلها مرجوعة إليه وراجعة، كما قال تعالى:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}، وعلى ذلك قوله:{كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}، ويكون رجوعها إنما بربح وغبطة، وإما بندامة وحسرة إلى أن ينشئها النشأة الأخرى على ما قضاه تعالى، وقوله:{ظُلَلٍ} جمع ظلة، يقال ظله وظلل وظلال، نحو خُلة وخلل وخلال، والإشارة بهدف إما إلى أمطار عذاب، كعارض عاد المذكور في قوله:{هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}، أو إلى أهوال القيامة، وقوله:{هَلْ يَنْظُرُونَ} على طريق التهديد والوعيد ...