للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكتسباً، وذلك فاسد، هذا ما قاله، والصحيح - إن شاء الله - ما ذهب إليه الجمهور إنه توقيف وقيل: الدلالة على المسألة إن تعليم الله عباده على أي وجه يكون، فذلك يسهل الكلام في المسألة، والقول في ذلك - إن شاء الله تعالى - قد أشار إلى ذلك بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} فذكر أن مكالمته للبشر على أحد هذه الوجوه الثلاثة، وأشرفها ما كان بإرسال رسول يرى ذاته، ويسمع كلامه كحال النبي - صلى الله عليه وسلم - مع جبرائيل - عليه السلام - والثاني: ما كان بإلقاء الكلام في السمع من غير رؤية، كحال موسى - عليه السلام - في ابتداء أمره، والثالث: ما كان بوحي والوحي - ههنا - مخصوص بالإلقاء في الروع، والإلهام، والتسخير، والمنامات فتعليم الله تعالى آدم [عليه السلام] الأسماء على أحد هذه الوجوه، ومحال أن يكون الاصطلاح على الألفاظ متقدماً على التعليم فإن الاصطلاح لابد له من كلام يتواطؤون عليه، وذلك يؤدي إلى أن لا يكون اصطلاح ولا لغة،

فإن قيل: فما ينكر أن يتواضعوا بإشارات وتصويت، فإن الأخرس يقدر على ذلك، وله مخارج الحروف، لأنا نجد الذين لا يتكلمون يفهمون ويفهمون ولا لغة لهم! قيل: الإشارات يفهم عنها بالاستدلال كسائر الاستدلالات التي لو توهمنا الكلام مرتفعاً لصح حصوله وليس للأخرس إلا الاستدلال فقط، ولا قدرة له على الألفاظ يؤلفها، وإنما صوته كصوت الطفل الذي لم يتلقن الألفاظ واللغة إنما تكون لغة بحصول تركيب المفردات الثلاث ولو كان إلى ذلك سبيل من غير تعليم، لكان من شرط البكم أن يتواضعوا فيما بينهم كلاماً لأن آفة البكم من السمع، وإنما عجز عن الكلام لعجزه عن التلقن بالسمع، فثبت أن ابتداء تعليم الكلام لا يكون إلا من معلم، وذلك قد كان من الله تعالى لآدم بأحد هذه الوجوه المتقدمة

إن قيل: كيف علمه الأسامي كلها وقد علمنا أنه ما من زمن إلا وبنوه يضعون

<<  <  ج: ص:  >  >>