لهم، وقول قتادة:" إنه أمر بصلة الأرحام "، وقول غيره: " إنه ذم لهم بقطعهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إشارة منهم إلى أبعاض ما يقتضيه عموم الآية، والخاسر في خسر إحدى المقتنيات الثلاثة من المال والبدن والعقل، وكما أن الفاسق بالقول المجمل على ثلاث طبقات بعضها فوق بعض، فكذلك ناقضوا العهد على ثلاث طبقات: ناقض عهده في أوامره المفروضة، وناقض عهده في أوامر النافلة، وناقض عهده في أركان الدين، وذلك أعظم الثلاثة، وكذلك قاطعو ما أمر الله به أن يوصل، قاطع لبعض ما يشير إليه عقله تابعاً لهواه، وقاطع لبعض ما يأمر به العلم وبنوه، وقاطع للعصمة بينه وبين الله، وكذلك الخاسر: خاسر ماله في ابتغائه غير الدار الآخرة، وخاسر بدنه في غير خدمة الله، وخاسر عقله في إهماله عن اقتباس ما يفيده الحياة الأبدية، وذلك أعظم الخسران المنبأ عنه بقوله تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} وقوله تعالى: {إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}.
فلكل منزلة من الفسق منزلة من نقض العهد، ومنزلة من القطع، ومنزلة من الخسران تلازمه، فالأول في كل ذلك مخطئ، والثاني فاسق، والثالث كافر، ثم منزل كل واحد منهم يتفاوت.