إذا رجع، والتفسير أعم من التأويل، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ، والتأويل: في المعاني كتأويل الرؤيا، والتأويل: يُستعمل أكثره في الكتب الإلهية، والتفسير يُستعمل فيها وفي غيرها، والتفسير: أكثر يُستعمل في مفردات الألفاظ، والتأويل أكثره " يُستعمل " في الجمل، فالتفسير: إما أن يُستعمل في غريب الألفاظ نحو " البحيرة " والسائبة " والوصيلة "، أو في " وجيز يبُبّنٌ ويُشرح " كقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}.
وإما في كلام مُضمنٍ بقصة لا يمكن تصوره " إلا " بمعرفتها نحو قوله: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}، وقوله:{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} الآية ...
وأما التأويل: فإنه يستعمل مرة عاماً ومرة خاصاً، نحو " الكفر " المستعمل تارة في الجحود المطلق، وتارة في جحود الباري خاصة، و " الإيمان " المستعمل في التصديق المطلق تارة، وفي تصديق دين الحق تارة، وإما في لفظ مشترك بين معان مختلفو نحو لفظة " وجد " المستعملة في الجدة والوجد والوجود.
والتأويل نوعان: مستكره ومنقاد: فالمستكره: ما يستبشع إذا سبُرّ بالحُجَّة، ويستقبح بالتدليسات المزخرفة الكزوجة " وذلك على أربعة أضرب:
الأول: أن يكون لفظ عام فيخصص في بعض ما يدخل تحته، نحو قوله تعالى:{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} حمله بعض الناس على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقط.
والثاني: أن يلفق بين اثنين نحو قول من زعم أن الجيوانات كلها مكلفة محتجاً بقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}، وقد قال تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}، فدل بقوله " أمم أمثالكم " أنهم مكلفون كما نحن مكلفون،