قصدٍ يستشير؟ فيقال: أمّا ما يُستشار فيه فهو الأمور الممكنات
المتعلقة باختيار الفاعل، وأما القصد بالاستشارة فتارة لاستضاءة
المُستشِير برأي المُستشَار، أو لئلا يُلام إذا استبدَّ بالأمر، فيتفق
وقوعه بخلاف المراد، ولهذا قيل: الاستشارة حصنٌ من الندامة.
وأمن من الملامة، وتارةً طلبا لهداية المستشار، إما لأن يتبين له
خطأ رأيه إن كان له رأي خطأ في ذلك الأمر، وإمّا أن لا يعتقد هو
أو غيره أن الاستبداد فضيلة فيستبد برأيه فيما ربما يؤذي إلى
فساد: إما لإِكرامه أو تعظيمه، فإذا تقرر هذا فأمور النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تنفكّ: إما أن تكون شيئاً دينيَّا أو دنيويًّا.
فإن كان دينيا فمعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير محتاج إلى الاستضاءة برأي غيره من البشر، لما أمدّه الله تعالى به من النور الإِلهي، وما كان يستشيرهم في أصول الشريعة، لكن ربما كان يستشيرهم في شيء من فروعها، التي هي من مسائل الاجتهاد لنا، نحو ما رُوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استشار