للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشهادة، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - معناه: أعوانكم، وقال مجاهد: معناه الذين يشهدون لكم، وقال غيرهما: أئمتكم نحو: {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ}، وكأنما عنى بذلك الكبير الذي لا يبرم أمراً من دونهم كقولهم: " فلان يحضر به النوادي وهو من أهل النجوى " وبضده هجى من قبيل فيه بيت:

مخلفون، ويقضي الناس أمرهم ...

وهم بغيب وفي عمياء ما شعروا

وأما الصدق: فإنه يُحد بأنه مطابقة الخبر المخبر عنه، لكن حقيقته وتمامه أن يتطابق في ذلك أشياء، وجود المخبر عنه على ما أخبر عنه، واعتقاد المخبر فيه ذلك عن والاعتقاد وبخلافه، صح أن يوصف بالكذب ...

ألا ترى أن الله تعالى كذب المنافقين في إخبارهم " إنك لرسول الله " لما كان اعتقادهم غير مطابق لقولهم؟ وإذا قال لك من أعتقد كون زيد في الدار، ولم يكن فيها صح أن يقال كذب، وإن كان قوله مطابقاً لاعتقاده، ولما كان اللسان ترجمان القلب، صح أن يقال: " صح في اعتقاده أو كذب "، وقد يتجوز أيضاً بذلك في جميع الأفعال، فيقال لكل فعل جميل على ما يجب صدق، ولما كان بخلافه [قيل] كذب، ويقال أيضاً لكل شيء يعتقد فيه اعتقاداً ما فوجد مطابقاً لذلك صدق، وإن وجد بخلافه كذب، ووجه الآية أن الله تعالى تحداهم بأن قال: " ادعوا أعوانكم وأنصاركم " وأستعينوا بكل ناصر لكم غير الله الذي هو مفزع الكل، وانظروا هل فب طوقكم الإتيان بمثله - تنبيهاً على أن ذلك لو أتى به محمد من قبله لقدرتم أنتم مع تظاهركم على الإتيان بمثله، ويحوز أن يكون قوله: {مِنْ دُونِ اللَّهِ} ذماً لهم أي: ادعوا أعوانكم التي من عادتكم الاستعانة بهم الذين هو غير

<<  <  ج: ص:  >  >>