للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اتقائه بروية آلائه ونعمه لقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} والثالث: حث على تقواه برؤية وحدانيته دون الوسائط وذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ}.

وجعلها على ثلاثة مراتب حسب ما سنه تعالى في سياسة الأصناف الثلاثة من الناس الخاصة والعامة، وبهذا الاعتبار قسمهم تعالى ثلاثة أقسام في قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} وأشرف هذه المنازل " تقوى الله " تعالى من غير رؤية الوسايط بلا مخالفة ولا رجاء، ولذلك عظم ثوابه بقوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} وهم الاتقون المعنيون بقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} والمعبر عنهم بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} والوقود: الحطب الذي يوقد به، ولذلك فسر بأنه دقاق الحطب، لأنه الدقاق الذي يوقد به، ولما كانت نار الدنيا محتاجة إلى دقاق توقد به، ونار جهنم مستغنية عن ذلك، بل يكتفي في إيقادها بالناس وبالحجارة التي ليست من عادة النيران المشاهدة أن يتقدبها عظم أمرها ومن قال: أراد بذلك حجارة " الكبريت " فإنما عنى أن الحجارة لتلك النار كحجارة الكبريت لنار الدنيا، وقوله: أعدت أصله في العدد وهو الإحصاء، لكن العد يتجوز به على أوجه فيقال: شيء معدود ومحصور للقليل مقابلة بما لا يحصى كثرة، ويقال على الضد من ذلك، وجيش عديد، وإنهم لذو عدد، أي: كثيرة، وذلك مقابلة بما لا يحتاج إلى حصره وتعداده لقلته، ولهذا قيل: أعددت هذا لكذا، أي جعلته معادا للمعد له، يتناول منه بحسب حاجته إليه وقد ألزمهم الله تعالى بهذه الآية الحجة بأنكم إن أتيتم بمثله، فقد أدخصتم حجته،

<<  <  ج: ص:  >  >>