لا يفنى " وأنت لا تعني بذلك الجزئيات المشاعدة منه، وإنما تعني به النوع المعلوم وقوله:(من قبل) هو للمتقدم، فقيل: عنى بذلك ما أتوا به قبل ذلك في الجنة، وإليه ذهب الحسن ويحيى بن أبي كثير، فقال: " إذا أوتي أحدهم بصحفة فيأكل منها ثم يؤتى بآخر، فيقول: هذا الذي رزقنا من قبل، فيقول له الملك: كل فاللون واحد والطعم مختلف "، وقال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - (رزقنا من قبل) أي في الدنيا شبهه.
وابن جرير رجح هذا الوجه، وقال: إن قوله: (كلما) عام يقتضي أنهم قالوا ذلك في كل مرة من غير تخصيص، ومتى جعل ذلك الأولى، اقتضى أن يكون مخصوصاً خلاف ما يقتضيه عموم الآية، وقال بعض المفسرين قول ابن عباس -[رضي الله عنهما]- في قوله:{هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} أي: في الدنيا، يعني ثواب ما رزقنا من المعارف كقوله:{ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، قال: ويدل على صحة هذا أن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: " ليس في الجنة من أطعمة الدنيا إلا الأسماء "، والمتشابه: المتماثل في الكيفية، ولهذا يقال فيكا لا يتميز أحدهما عن الآخر متشابه، وكذلك للواقع من الكلام بين معنيين فصاعداً ومتشابه والشبهة في الشيء ما يقع فيه من مشابهة الغير، فقوله:{وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}، قيل: هو تفسير لقوله: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} أي يشبهه اسماً ولوناً لا طعماً وحقيقة وقيل: عنى به متماثلاً في الكمال وأن لا تقارب، فيه كأطعمة الدنيا، وقال بعض المفسرين: إن الآية مثل لا على الحقيقة، وقد نبه على كونه مثلاً بقوله بعده:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} والأنهار مثل لمجاري الخيرات، كقولك: ينابيع الحكم، وأنهار الفعل والرزق لم يعن به ما يؤكل فقط، وإنما هو كقولك: " رزقت فهماً وعلماً " والثمرة: اسم