كالقعود من الجمال، والقعدة من الأفراس، ألا ترى أنها سميت " مَطِيَّة " في قول الشاعر:
مَطِيَّاتَّ السُّرورٍ فُوَيْقَ عَشْرٍ ...
إلى عِشْرِينَ ثُمَّ قِفٍ المطَاَيَا
و" حليلة " إذا أعتبر حلولها معه، أو حل الأزار له، وذلك يُفعل لأحد أمرين: إما لأن الشيء " في نفسه " لا يمكن إبرازه إلا بالعبارات الدالة على أوصافه كمعرفة الله - عز وجل - لما صعبت لم يكن لنا سبيل " إليها " إلا بصفاته، وكأن الله تعالى جعل لنا أن نصفه بهذه الأوصاف لتكون لنا ذريعة إلى معرفته، إذ لا سبيل لنا إليها إلا استدلالاً بأوصافه وأفعاله، ولذلك قال " موسى " - عليه السلام - لما سأله فرعون:{وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ}؟ قال:{قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}، ولما قال له:{فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى}؟ قال:{رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}، فلم يجبه عن الماهية، لما كان الباري تعالى منزهاً عنها، وأحاله عن صفاته الكثيرة، وإما لأن الشيء له تركيبات " وأحوال "، فيجعل له بحسب كل واحد منها اسم كما تقدم في أسماء السماء، وبحسب ذلك قال النبي عليه السلام:" سُمَّيتُ محمداً، وأحمد، وخاتماً، وحاشراً، وعاقباً وماحياً " لأنه محمود، وحامد، وخاتم الأنبياء، وحاشر، لأنه بعث مع الساعة نذيراً لكم بين يدي عذاب شديد، وعاقب: لأنه عقب الأنبياء، وماحي: لأنه محى به سيئات من اتبعه.