فاتخاذ الإنسان الشيطان مولى هو على الوجه الثاني، فإن الإنسان لا يقصد بفعله موالاة الشيطان.
فإن قيل: كيف قال: (مِنْ دُونِ اللَّهِ) واتخاذ الشيطان
وليا مع الله مذموم، كاتخاذه من دون الله؟
قيل: لم يقصد بالآية هذا المقصد، وإنما أريد من ترك تحري موالاة، وفعل ما أدى به إلى موالاة الشيطان، فخسرانه ظاهر لا يتكتم على ذي بصيرة، وقوله:(يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ) تحذير، وهذا الوعد من الشيطان تارة بالإرادات الودية، والخواطر الفاسدة، حسب ما ذُكر في كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة، وتارة بلسان أولياء الشيطان، وسبب إمكان وصول ذلك إليه كون القوة المفكرة عمياء من تدبر نور الله، وقد تقدم الكلام في حقيقة الأمنية، وأما سبب الحسد، والنميمة، والظلم، وسائر الرذائل، والغرور: إظهار ما تعذر، من ظاهره فيه نفع، وأصله: الأثر الظاهر من الشيء لشيء غره حسنه مخالفة باطنه، ومن هذه سمى الدنيا