إن قيل: ما وجه لكن ها هنا؟ وهو لإبطال الشيء وإثبات آخر، فما الذي أبطل ها هنا؟
قيل: لكن وإن كان كما قلت، فتارة تجيء بعد نفي، ما جاءني زيد
ولكن عمرو، وتارة تجيء بعد إيجاب، والإبطال فيه مقدر، نحو جاءني زيد لكن أخوه أحسن إلي، والتقدير: أخوه لم يجئني لكن أحسن إلي، فأغنى عن الإبطال بذكر الإيجاب، ولما اقتص عن اليهود ما كان منهم، وألزمهم المذمة، بيّن أن الراسخين لم يذهبوا مذهبهم، لكن يؤمنون بكل ذلك ويستحقون به الثواب، بخلاف هو لا الذين يستحقون العقاب،
وقوله:(وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ)
قيل: هو عطف على قوله: (بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) أي: وبالمقيمين الذين
يقيمون الصلاة.
وقيل: الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين وهذا إذا جعله
عطفا لم يجوزه سيبويه لعطف الظاهر على المضمر المجرور، وإن جعلته على
تقدير من وحذفه لدلالة ما قبله عليه جوزه لتجويز قوله: ما كل بيضاء شحمة، وسوداء تمرة، على تقدير: ولا كل سوداء تمرة.